اتفاقٌ رضائي لتنظيم نفقة الأبناء في ظل مدوَّنة الأسرة المغربية مع نموذج Word و Pdf.
مقدمة
حرصًا من المشرِّع المغربي على كفالة العيش الكريم للأطفال وحماية حقوقهم، أَوْجَبَ على الأب نفقة أبنائه، خاصة في حالات الطلاق أو الانفصال. ولمواجهة تعقيدات التقاضي وطول إجراءاته، فتح القانون الباب أمام الوالدين للاتفاق بتراضيٍ على تحديد هذه النفقة، شريطة أن يَكُونَ الاتفاق عادلاً، مُراعيًا لمصلحة الطفل الفضلى، وأن يحظى بمصادقة المحكمة.
![]() |
| اتفاقٌ رضائي لتنظيم نفقة الأبناء في ظل مدوَّنة الأسرة المغربية |
نسعى في هذا العرض إلى تقديم شرحٍ واضحٍ لماهية هذا الاتفاق الرضائي، وشروط صحته، وقيمته القانونية، بلغة عربية سليمة وسهلة.
ما هو الاتفاق الرضائي لتنظيم نفقة الأبناء؟
هو عقدٌ مكتوبٌ يبرمه الأب والأم، يتفقان فيه برضاهما على مقدار ما يُؤَدَّى للأبناء من نفقة، وكيفية أدائها، دون حاجة إلى رفع دعوى قضائية. ويهدف هذا الاتفاق إلى تنظيم الالتزام المالي للأب تجاه أبنائه بطريقة ودية، تحفظ ماء وجه الطرفين وتُؤَمِّن الاستقرار للصغار.
وغالبًا ما يشتمل هذا الاتفاق على البنود التالية:
- المبلغ الشهري للنفقة.
- مصاريف التعليم والدراسة.
- تكاليف العلاج والرعاية الصحية.
- شؤون السكن أو بدل الإيجار (حسب الحاجة).
- طريقة السداد وتاريخه الدوري.
السند القانوني للاتفاق الرضائي
على الرغم من أن مدوَّنة الأسرة لم تذكر مصطلح "الاتفاق الرضائي" نصًّا، فإنها حثَّت في العديد من مواضعها على التشاور والتفاهم بين الأبوين في كل ما يتعلق بشؤون أسرتهم وأبنائهم. كما أَكَّدَت على أن النفقة واجبة على الأب، وتشمل حاجات الطفل الأساسية من مأكل وملبس وعلاج وتعليم ومسكن. وهذا ما يجعل الاتفاق الرضائي منسجمًا مع روح النص القانوني، خاصة وأن المدوَّنة أجازت مراجعة مقدار النفقة بتغيُّر الظروف.شروط انعقاد الاتفاق الرضائي وصحته
حتى يكتسب الاتفاق الصفة النظامية والقوة التنفيذية، لا بد من توافر الشروط الآتية:- التراضي التام: أن يصدر الاتفاق عن إرادة حرة لكل من الأب والأم، خالية من أي إكراه أو غش.
- تحقيق مصلحة الأبناء: النفقة حقٌّ ثابت للطفل، فلا يجوز الاتفاق على إسقاطها أو تحديد مبلغٍ يقل عن حاجاته الأساسية المعتبرة شرعًا وقانونًا.
- وضوح البنود والإجراءات: يُستحسن أن يكون الاتفاق مفصلاً وواضحًا، يحدد المبالغ بدقة، والعناصر التي تشملها، ومواعيد وآلية الدفع.
- التصديق القضائي: لا يكتسب الاتفاق قوته الإلزامية الكاملة إلا بعد عرضه على قاضي الأسرة المختص، الذي يصادق عليه بمقرر قضائي بعد التحقق من توافر الشروط القانونية وحماية مصلحة الطفل.
الحجية القانونية للاتفاق المصادَق عليه
بعد مصادقة المحكمة على الاتفاق الرضائي، فإنه:- يكتسب قوة السند التنفيذي، كالحكم القضائي.
- يُصبح قابلاً للتنفيذ الجبري بواسطة الأعوان القضائيين.
- يُشكِّل سندًا للمطالبة القضائية في حالة تخلف الأب عن الوفاء بالتزاماته.
- أما الاتفاق غير المصادَق عليه، فلا يُعتبر سندًا تنفيذيًّا، ويبقى مجرد اتفاق عادي بين طرفيه.
مزايا اللجوء إلى الاتفاق الرضائي
يتسم هذا المسار بعدة محاسن، منها:- سرعة البت في وضعية الأبناء المالية وتوفير الاستقرار لهم.
- تجنُّب إطالة أمد النزاع والخصومة بين الوالدين.
- توفير الجهد والكلفة المادية المصاحبة للدعاوى القضائية.
- الحفاظ على قدر من الود والاحترام في العلاقة بين الأبوين، مما ينعكس إيجابًا على الأبناء.
- تحقيق استقرار نفسي أكبر للأسرة عموماً.
هل يُمكن تعديل الاتفاق الرضائي؟
نعم، ذلك ممكن بل ومشروع. فالاتفاق الرضائي قابل للمراجعة زيادةً أو نقصانًا، كلما طرأ تغيرٌ ذو شأن على الظروف، مثل:
نعم، ذلك ممكن بل ومشروع. فالاتفاق الرضائي قابل للمراجعة زيادةً أو نقصانًا، كلما طرأ تغيرٌ ذو شأن على الظروف، مثل:
- تحسُّن أو تدهور الوضع المادي للأب.
- ارتفاع تكاليف المعيشة أو الاحتياجات الأساسية.
- انتقال الأبناء إلى مرحلة دراسية أعلى (كالجامعة).
- وذلك إما بعقد اتفاق رضائي جديد، أو باللجوء إلى القضاء ليقدر النفقة وفق الظروف المستجدة.
نموذج لاتفاق رضائي
يمكن تحميل نموذج الاتفاق الرضائي لتحديد نفقة الأبناء في صيغتي Word و PDF:
خاتمة
يُعدُّ الاتفاق الرضائي لتنظيم نفقة الأطفال خيارًا قانونيًّا حكيمًا وإنسانيًّا، يجسِّد مقاصد مدونة الأسرة في تحقيق المصلحة والاستقرار. غير أن ضمان نجاحه وفعاليته مرهون بحسن نية الأطراف، ووضوح بنوده، وتلك المصادقة القضائية التي تمنحه الدرع القانوني، وتحوِّله من مجرد تفاهم شخصي إلى التزام يحمي حقوق الطفل ويُذلِّل سبل اقتضائها.
